التربية والتعليم حلقتان لا يمكن فصلهما ولهما أسس أولية يقومان عليها لتحقيق أهدافهما، وكثيرا ما نسمع بالانعكاسات السلبية المترتبة على الخطوات العشوائية التي تهدد حياة الفرد بالخطر الخلقي أو الجسدي وتعتبر السنة الأولى الابتدائي عالما جديدا في حياة الطفل الذي اعتاد على دفء حضن أمه ودلالها وابتسامتها.
وقد انتهجت الجهات التعليمية برامج تربوية جديدة لكسب حب وإقبال الطلبة على المدارس تلك البرامج لا تقبل التطبيق الروتيني والعشوائي لاختلاف فئات الأطفال وفي هذا الاستطلاع نحدد بعض المحاور الأساسية التي تحدد شخصية الفرد وتدفعه للتفوق.
التعليم بين الحاضر والماضي
* يقول مدير مدرسة ابتدائية : التعليم في الماضي يكاد ينحصر على الحفظ والتلقين فقط، أما التعليم في الحاضر فقد تطور تطورا كبيرا حيث استخدام وسائل التربية الحديثة ولقد حظي التعليم الإبتدائي باهتمام المربين وأنفقت عليه الأموال الكثيرة في سبيل تطور ورقي التعليم وأصبح يركز على التجارب والوسائل التعليمية والاستنتاج.
ويصور أستاذ قسم ابتدائي بما يزيد عن خمسة عشر عاما ما وصل إليه التعليم في الحاضر فيقول: التعليم قفز قفزة هائلة فقد توفرت جميع الإمكانات وهيئت الوسائل التربوية الحديثة وذلك كله بفضل الله ولم يبق إلا دور الطالب لكي يستفيد وينهل من أبواب العلم والمعرفة بما يصنع من نفسه شخصية متميزة ثقافيا وعلميا بما يتيح له خدمة وطنه.
القسم التحضيري وإعداد التلاميذ
ويرى أستاذ مدير مدرسة أن القسم التحضيري ورياض الأطفال تعتبر مهمة في دفع ونبوغ تلميذ السنة الأولى الابتدائي بعد دخوله المدرسة حيث يقول: نشاهد ونجد أروع التلاميذ نشاطا وموهبة وذكاء حيث سبق لهم دخول القسم التحضيري ما يجعلنا نستنتج أن هذه الظاهرة صحية يجب الاهتمام بها من قبل الجهات المسؤولة وكذا الأسرة وأن تكون منهجا هادفا سليما.
ويستطرد بقوله: منهاج السنة الأولى الابتدائي يبدأ بالتهيؤ والاستعداد (لغة رياضيات) وهذه الفترة كافية لإعداد الصغير ونقله من وسط إلى وسط آخر وأثر ذلك ايجابيا على تنمية المهارات العقلية لدى الطفل وتشجيعه مستقبلا على الجرأة والصبر وتنمية الذكاء لديه ويشترك لتحقيق ذلك تعاون البيت والمدرسة والمجتمع في ذلك لتجنب فشل التلميذ منذ السنة الأولى وتحقيق النجاح وبناء الهدف، وعدم هروب الصغير من الدراسة مع بداية الأسبوع الأول من دخوله المدرسة مع ملاحظة أن هذه الظاهرة بدأت تختفي، كما يساعد ذلك على مواجهة التحدي القائم على التقدم العلمي الفائق والمشاهد في عدة قطاعات.
ويعلق أحد الأخصائيين على أهمية الأقسام التحضيرية ورياض الأطفال فيقول: لا بد أن نفهم معنى التحول من المهد إلى الطفولة حتى نستطيع أن نفهم نمو الطفل حيث أنه من المعروف أن قوى الطفل الوظيفية تزداد في السنة الثالثة حيث تتيح له الحركة والتنقل كما تبدأ مخيلته في هذا السن بالعلم السريع بناء على اتصاله بالعالم الخارجي الذي يجهله ما ييسر لنا فهم اجتهاده لمعرفة ذلك العالم الخارجي ومراعاة الاضطراب الذهني الذي يعتريه في بعض الأحيان نحو بعض المواقف الخارجية بيد أن المحصول اللغوي يساعده ليتغلب على تلك الصعوبات.
ويضيف بقوله: يستوجب على ذوي الطفل إتاحة الفرصة الكافية له لممارسة النشاط الحركي القوي حيث أن ذلك طريقه لسلوك المستقبل الذي يؤكد ذاته وينمي شخصيته ومن الخطأ اعتبار الحياة العقلية في هذه المرحلة مكونة من إحساس وحركة فقط، إذ أن عملياته العقلية تعمل ولكن على نطاق ضيق فهو لم يكتسب بعد المحصول اللغوي الكافي الذي يجعله يفكر تفكيرا معنويا منصبا على الأمور المجردة ولكن عملياته العقلية تعنى العناية الخاصة بمشاعره وتخيلاته، والفصول التمهيدية ورياض الأطفال العامل المباشر في تحقيق ذلك على أن يهتم القائم على تلك الفصول باستغلال الصفات السلوكية في التوجيه الصالح لإعانة الطفل ومساعدته في مجتمعه الصغير وإدراكه لمعنى المجتمع بإيضاح ذلك بالطرق العملية والعمل على اكتشاف الموهوبين منهم والعمل على تنمية معدلات الذكاء لديهم والمساهمة في وضع اللبنة الأولى لشخصية ذلك الطفل الذي سيكون رجل المستقبل بإذن الله.
أسباب هروب التلميذ
يشارك أستاذ بقوله: لقد اختفت ظاهرة هروب الطالب من المدرسة مع بداية دخوله السنة الأولى ابتدائي ومن يرجع إلى الاحصائيات في المدارس يرى اختفاء هذه الظاهرة أو ندرتها ويرجع الفضل في ذلك بعد الله إلى الطرق الحديثة في التربية ومنها الأسبوع التمهيدي وتقيد المعلمين بالطرق والوسائل التربوية الحديثة في التعامل مع الطفل وبالذات طلاب السنة الأولى الابتدائي وذلك نظرا لحساسية التعامل معهم ومراعاة انفعالاتهم وتغير الأجواء المدرسية عليهم بعد الجو المنزلي.
وتستنتج مديرة اختفاء ظاهرة هروب الطالبة من المدرسة مع بدايتها بقولها: وعي الوالدين بأهمية العلم والتعليم وتواصل جهدهما لبث الحماس لدى التلاميذ للإقبال على الدراسة بكل رغبة صادقة.
وجود حافز مشجع للتلاميذ لمواصلة التعليم مع تشجيع الرغبة لديهم في الدراسة.
معاملة التلاميذ بأسلوب تربوي من قبل الإدارة والمعلمين بالمدرسة والعمل على تشجيعهم وبث روح التنافس الشريف بينهم ما أدى إلى اختفاء الرهبة والخوف من نفوس التلاميذ الجدد.
الأسبوع التمهيدي وتكيف التلميذ
وعن مدى نجاح برامج الأسبوع التمهيدي وتحقيق أهدافه تتحدث أستاذة فتقول: لقد تحقق النجاح لبرامج الأسبوع التمهيدي ولله الحمد وذلك بشكل منقطع النظير وقد حقق الأهداف المرجوة منه بسبب ما توفر له من عوامل النجاح التي هيأتها المدارس الابتدائية من احتفالات وبرامج مشتملة على الأناشيد والألعاب المسلية والمسابقات الشفهية والكتابية عن طريق التلوين والتوصيل ومنح الجوائز لتشجيع التلاميذ.
ويتواصل بنا الحديث عن أهمية إعداد التلميذ والرؤية حول نجاح أهداف الأسبوع التمهيدي من عدمها ويقول أستاذ: لقد دأب الأخصائيون على استقبال وتدريب الأبناء الجدد على التكيف الاجتماعي مع البيئة والوضع الجديد وذلك لأهميته في حياتهم الجديدة وأنها الأساس والخطوة الجادة لهذا البناء فقد أعد للأسبوع برامج خاصة من كل عام تندرج تحت مسمى الأسبوع التمهيدي وذلك لتعويد التلميذ على المناخ الجديد غير ما كانوا عليه بما يشعرهم بالاستقرار والاطمئنان النفسي والوئام للمدرسة وما يدور فيها ويضيف بقوله: حضور التلميذ أو التلميذة الأسبوع التمهيدي منذ بدايته ووجود ولي الأمر إلى جانبه في المدرسة لبعض الوقت يساعد على اكتشاف قدرات وإمكانات التلميذ وتشجيعه على اللعب والتحدث مع الآخرين والتفاعل مع مدرسين أو طلاب المدرسة بما يعطينا القول إن أهداف هذا الأسبوع تتلخص في الآتي:
المساعدة في تكوين اتجاه نفسي إيجابي لدى الطفل نحو المدرسة وإكسابه خبرات مدرسية تساهم في سرعة عملية التكيف مع المدرس.
تيسير مهمة انتقال الطفل من محيط بيئته إلى المحيط المدرسي تدريجيا والتعامل مع عناصر مجتمعه الجديد.
توفير الفرصة التربوية المبكرة للمعلم ليتعرف من خلالها على شخصية كل طفل.
بث الطمأنينة في نفوس الآباء على أبنائهم وتعميق الشعور لديهم بأن الأبناء في محل الاهتمام والرعاية بما يدعم قوة العلاقة بين البيت والمدرسة.
تقديم نموذج من الأساليب التربوية وفقا لخصائص نمو الطلبة الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي.
ويؤكد الأخصائيون أن نجاح الأسبوع التمهيدي يبنى على عوامل منها:
تفعيل البرامج التربوية الدقيقة الهادفة التي تقوم على تلبية حاجات الطلبة النفسية والاجتماعية والرياضية.
حصر النتائج الإيجابية لهذا الأسبوع عند تطبيق برامجه واكتشاف ما يلي عند الفرد:
زيادة إحساس الطفل بالمدرسة والإقبال عليها بكل شوق والحضور المبكر برغبته الشديدة.
مشاركة الطفل في الاصطفاف الصباحي بكل همة ونشاط.
متابعة العلامات التي توحي بانسجام الطفل كالضحك والمرح واللعب والاطمئنان.
تتبع الحالات التي تعتبر نادرة بين أولئك الطلبة في بداية العام الدراسي كالانطواء والبكاء وصعوبة النطق.
وينوّه أخصائي اجتماعي بخطورة وأهمية إعداد الطفل للتكيف مع المدرسة فيقول: تتميز عملية إعداد الطلبة المبتدئين للتكيف مع المدرسة بأنها من أشق العمليات الاجتماعية وأهمها في الوقت ذاته فهي تحتاج إلى دراسة عميقة لكل فرد على حدة للجو المدرسي الذي يحيط به والتعرف على حاجاته الفعلية ومتابعة الآثار العميقة في سلوكه وتصرفاته للوقوف على المعوقات التي صادفته في مجال الأسرة ودرجة عمقها في حياته.
من جهتها أخصائية نفسانية تقول: ليس بالإمكان إنكار فائدة الأسبوع التمهيدي ولكن تظل المدّرسة هي ذات العلاقة بتكيف الأطفال فهي ستكون بمثابة الأم لجميع الأطفال في حنانها وتفهمها وابتسامتها وتؤكد على أهمية تقوية علاقة الطفل بالمدرسة فتقول: إقامة علاقة عاطفية ناجحة مع الأطفال هو العامل الأهم الذي سيشجع الأطفال للقدوم غدا وبعد غد للمدرسة.
المعلم والخبرة والدورات التدريبية
وحول بقاء معلم السنة الأولى في تدريس الصف سنوات طويلة يعبر أستاذ بقوله: إن تدريس السنة الأولى ليس بالأمر السهل وقد تم إسناد تدريس السنة الأولى إلى المعلمين المتميزين في المدرسة ويعتمد بقاء المدرس في تدريس السنة الأولى سنوات طويلة على المدرس نفسه من حيث التحاقه بالدورات التدريبية والاطلاع على آخر ما وصلت إليه التربية الحديثة في التربية والتعليم وانتهاج الطرق الجديدة كل عام والابتكارات العلمية بما يحقق وصول المعلومات للطالب بكل يسر وسهولة بما يثير النشاط والمشاركة بكل تفوق عن اليوم الذي قبله.
وتشير أستاذة إلى النتائج الطيبة لبقاء المعلمة لتدريس السنة الأولى الابتدائي بقولها: بقاء المعلمة له الأثر الطيب في أداء هذه الرسالة على الوجه المطلوب الذي يبنى عليه الوصول إلى الأهداف المنشودة ولكن يكون ذلك مشروطا بالالتحاق بالدورات التدريبية التي لها التأثير الإيجابي على نجاح مسيرة المعلمة في تدريس هذا الصف وألا تركن إلى خبرتها ومجهودها الفردي بل تعمل على تطوير أدائها وذلك ايضا عن طريق الاطلاع المستمر على كل ما هو جديد ومفيد عن التعليم بصفة عامة وتعليم الصفوف المبكرة بصفة خاصة والمشاركة في اللقاءات التربوية وإقامة الدروس النموذجية مع الاستفادة من خبرات الزميلات
وعن هذا الجانب يقول أستاذ أن الصغار مسؤولية كبرى في أعناق المسؤولين عن التربية والتعليم لذلك فهم يحتاجون إلى معلمين ناجحين متميزين مخلصين في أدائهم وذلك لما تحمله هذه المرحلة من خصائص ومطالب وحاجات تتطلب عناية فائقة ومقومات حقيقية لنوعية خاصة من المعلمين والمربين وإذا كانت هذه الشروط متوفرة في معلم الصف الأول فلا حرج من بقائه معلما للصف الأول دون عد للسنين وحسابها ودائما الصف الأول يحتاج تدريسه لمهارات وتجارب عالية وإذا زودت بالدورات يكون ذلك أفضل والحمد لله المميزون كثيرون ولكن الأفضل للراغبين المبدعين دائما في الصفوف الأولى.
ويدلي أستاذ آخر في هذا المحور بدلوه فيقول: إن بقاء المعلم في تدريس الصفوف الأولى له فوائد وايجابيات عديدة منها التعرف على أنماط وسلوكيات التلاميذ في هذه المرحلة وتطوير الخبرة في ذلك وهذا يحقق كثيرا من الأهداف التربوية مما لا شك فيه أن الدورات التدريبية لها المردود الإيجابي في نجاح مسيرة المعلم خصوصا إذا كانت مدعمة ببحوث علمية ومدروسة في هذا المجال ما يثري الساحة ويفيد السالكين في تدريس السنة الأولى ولا ننكر أن للتجربة العميقة والخبرة الطويلة الأثر في نجاح مدرسي السنة الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق