1- الوزيرة استقدمت 11 مختصا في التربية من فرنسا فقط لتحضير الجيل الثاني من الإصلاحات التي جاء بها تقرير بن زاغو؛ ويتعلق الأمر بالانتقال من حالة تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، إلى حالة تمثّل التلاميذ للقيم الحضارية التي تنتمي إليها اللغة التي تدرس بها المواد العلمية، وهي الفرنسية.. أي أن الجزائري لا يمكن أن يدرس اللغة الفرنسية كلغة علم مثل الهندي أو الإسباني أو أي جنسية أخرى، بل يدرسها كالفرنسي الذي يتمثل القيم الفرنسية للغة.
2- الوزيرة تعرف جيدا خطورة ما تقوم به وقد لا تكون واعية بما تقوم به، ولهذا تجري عملية (الإصلاح) المزعومة في سرية تامة وتحت المراقبة الدقيقة للأجانب (الفرنسيين).. وبعيدا عن أي مشاركة من المربين الجزائريين. ولا يشارك رجال التربية الجزائرية بأي صورة من الصور في العملية، وكل ما يتم هو الانتقاء بعناية لعناصر تتم عملية تكوينهم على المناهج الجديدة في سرية تامة.. والسرية تعني وجود شبهات! وفي هذا خطورة واضحة! فمتى كانت عمليات الإصلاح التربوي لها طابع السرية؟! والسؤال المطروح هنا: هل الرئيس ورئيس الحكومة وأحزاب الحكم تعلم هذا الأمر.. أم لا؟! وإذا كانوا لا يعلمون، فالمصيبة أعظم.. ومع ذلك، فإن الرئيس بوتفليقة يتحمّل وحده المسؤولية كاملة فيما قد يحدث؛ لأنه هو المسؤول عن وجود هذه الوزيرة على رأس الوزارة.. سواء بحق أو بغير حق.
3- المعلومات غير الرسمية تقول: إن الجهات الفرنسية قد أوصت بعدم المساس بهذه الوزيرة في التغيير الوزاري المرتقب، حتى لا يتأثر برنامجها الإصلاحي الذي يجري في سرية تامة، وبالتنسيق مع خبراء من فرنسا، وبعيدا عن أي مشاركة تربوية جزائرية.
4- كل المعلومات تقول: إن مبالغ مهولة صرفت وتصرف على العملية، ولم يحدث في تاريخ المدرسة أن صرفت مبالغ بمثل ما يصرف الآن على عملية الإصلاح وتحت الرعاية التامة لخبراء فرنسيين.. أي أن الوزيرة تقوم بعمليات التمكين للغة الفرنسية في الجزائر بعيدا عن الرقابة البرلمانية، ودون أن تدفع فيها فرنسا أورو واحدا.. والوزيرة تقوم عبر هذه الإصلاحات باكتراء عقول أبناء الجزائر للغة والثقافة الفرنسية مجانا.
5- عمليات الإصلاح هذه يتهكم عليها بعض المربين الجزائريين الذين تمكنوا من معرفة بعض جوانبها بأنها مجرد تحويل للمال العام إلى خبراء فرنسيين تحت ذريعة الإصلاح الجذري والعميق، والحال أن الأمر يتعلق في جانب اللغة العربية باستبدال نظرية تعليم العربية عن طريق صيغة مالك وزينة في المدرسة الأساسية، وما كان قبلها.. إلى صيغة أخرى تسمى: “طريقة تدريس العربية عن طريق نظرية فريد وليلى”.. نسبة إلى الذين عيّنتهم الوزيرة للتنسيق مع الفرنسيين في هذه الإصلاحات.. ولو علم الجزائريون حكاية فريد وليلى لتملّكهم الرعب على مصير تربية أبنائهم في المستقبل؟!
6- أطرف ما في الأمر؛ أن الوزيرة تقول في لقاءاتها الخاصة إن الإسلام والعروبة والأمازيغية والفرنسية هي العناصر التي تجمعنا أكثر من الإسلام والعروبة والأمازيغية.. وربما الكسكس هو الذي يجمعنا إلى جانب الفرنسية... ولهذا سيدرس أبناؤنا في ظل إصلاحات الوزيرة الشعر الذي يقول: “قصاع اللوح تجمعنا.. وبالكسكوس نتحد؟!
الأمر جدي والرئيس والبرلمان والحكومة والإعلام والأحزاب ورجال التربية يتحمّل جميعهم مسؤولية ما قد يقع لا قدر الله
حول إصلاحات بن غبريت
يكتبها: سعد بوعقبة / 11:12-9 مارس 2016
المشكلة التي نراها ونتألم لها هي أن نقابات القطاع (وحتى رجال القطاع ككل وحتى الأولياء وأحزاب المعارضة رغم أن القضية تهم الجميع) لم يحدث أن تكلموا في خصوصيات العمل والأداء في هذا القطاع الحساس، حيث يتم التكلم والغضب حول نصوص التعويضات والترقيات، (وهو العظم الذي يرمى لهم لشغلهم عن الأساس في المشكل) ولم نسمع احتجاجا واحدا تم التطرق فيه لمنهجيات تكوين إطارات التربية وتحسين نوعية الأداء ومحتويات المناهج التعليمية. إن الغريب المريب أكثر نراه في عمليات ترقية بعض الإطارات التي ليس لها أي تكوين أو دراية بالعمل التربوي إلى إطارات مشرفة على تسيير القطاع بدعوى أنهم أبناء الشهداء (مع الاحترام الكامل للشهداء وأبنائهم)، وكنا قد طرحنا أسئلة عن إمكانية ترقية طبيب أمراض عامة إلى رتبة طبيب جراح بدعوى أنه ابن شهيد، أو ترقية موظف بالخطوط الجوية الجزائرية إلى رتبة طيار بنفس الدعوى.
أن ترقي معلما أو أستاذا إلى رتبة مفتش أو مدير في قطاع التربية، دون أن تكون له الكفاءات المطلوبة ودون أن تمنحه الكفاية من التكوين، هو تخطيط للإمعان في ضرب الأساس التربوي المضروب في الأصل من جذوره، وهو ما يفسر نوعية المنتوج التربوي الجزائري الذي جعلها تحتل المرتبة 119 من أصل 145 دولة في العالم، والمرتبة 19 ضمن الدول الإفريقية...! رغم الأموال الطائلة التي يتم رصدها للقطاع والتي تجعل الجزائر الأولى إفريقيا في هذا الإهدار، هل هناك مهازل أكثر من هذه...
إن ما يخطط للتربية فوق مستوى التصور، والتبعية لم تعد تتم بالاحتلال والهيمنة العسكرية، يكفي أن تتحقق التبعية الفكرية التي تحققها التربية الممنهجة الموجهة التي تكوّن أجيالا غبية لا تحسن (استعمال الفكر).
مناع إبراهيم: مفتش التربية الوطنية سابقا
أولا: القوة الفرنسية التي فرضت وزيرا للتربية على بن كيران في المغرب الشقيق هي نفس القوة التي فرضت من غبريت في الجزائر، وأوصت بأن لا تغير في التحوير الحكومي القادم حتى تقوم بنفس ما يقوم به زميلها في المغرب من إعادة التدريس باللغة الفرنسية إلى السنة الأولى وتدريس العلوم والتكنولوجيا بالفرنسية، مع التمثل الحضاري من طرف التلاميذ لهذه اللغة.
ثانيا: المغرب الشقيق يفعل هذا بمقابل مادي مغر في مجالات الصناعة والسياحة وتمويل التربية، أي يقوم بكراء عقول المغاربة لفرنسا بثمن.. فيما نقوم نحن بذلك بالمجان، بل وندفع لفرنسا ثمن احتلالها لعقول أبنائنا تحت ذريعة تمويل الإصلاحات. واسألوا كم دفعت فرنسا للمغرب لإجراء هذه الإصلاحات، وكم دفعت الجزائر لفرنسا جراء إجراء هذه الإصلاحات؟!
ثالثا: فرنسا تريد تحضير نفسها كقوة عالمية للخمسين سنة القادمة، عبر تحضير شمال إفريقيا حضاريا وثقافيا ضمن المنظومة الفرنسية، أي إعادة فكرة الحماية الفرنسية لهذه المنطقة كما كانت قبل 150 سنة.
رابعا: المغرب قايض ارتماءه في حضن الفرنسيين بالموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية، والجزائر قايضت القضية نفسها مع فرنسا مقابل الرضى عن حكم الجزائر من طرف نظام غير شرعي ومشلول كلية وليس قضية الصحراء.
هناك في المغرب، تجري الوصاية الفرنسية على هذا البلد بثمن تدفعه فرنسا، وهنا تجري الوصاية نفسها، ولكن بثمن تدفعه الجزائر! فشتان بين الوضع في المغرب والوضع في الجزائر من وجهة المصلحة والرشادة في تسيير التبعية والاحتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق