انتشرت في الآونة الأخيرة وسائل اتصال مختلفة سارعت من وتيرة الحياة وأدت إلى تطوير وتبادل الأفكار، حيث حقق الهاتف المحمول ثورة عالمية في وسائل الاتصال نظراً لصغر حجمه وسهولة اقتناءه والتنقل به، بالإضافة إلى ميزاته المتعددة؛ فاحتواء الهواتف النقّالّة على الألعاب، وعلى الرسائل النصّية، والموسيقى والتصوير كذلك إمكانية الوصول إلى الانترنت من خلاله، جعلت منه حاجة مطلوبة لدى أغلبية الناس ولدى الأطفال بشكل خاص حيث يشكل الهاتف النقّال بالنسبة للأطفال أداة للتسلية وقضاء الوقت الممتع، فأصبح النقال يمثّل شيئاً كمالياً يحقق الرفاهية لديهم.
إيجابيات اقتناء الهاتف النقّال للأطفال وكيفية الاستفادة من تقنياته تربوياً وتعليمياً
لا شكّ أن لانتشار الهاتف النقّال بشكل كبير في جميع انحاء العالم؛ أسباب متعددة جعلت منه أمراً مهمّاً يحتاجه الأشخاص خلال حياتهم، وعند بحثنا عن الأهداف التي دفعت الأهل إلى إعطاء أطفالهم والسماح لهم باقتناء الهواتف النقالة ؛ نجد أن هناك إيجابيات متنوعة تندرج تحت امتلاك الأطفال للهاتف المحمول ومنها:
إمكانية اتصال الأهل بأطفالهم والاطمئنان عليهم إذا ما كانوا خارج المنزل. فمن الممكن للطفل في حال ذهب في رحلة مدرسية أو نزهة مع أصدقائه أو أحد الأشخاص أن يُطمئِن أهله إذا ما تأخر في العودة إلى المنزل.
يزيد الهاتف النقال من التفاعل الاجتماعي بين الطفل والمجتمع المحيط به، فيتمكّن الأطفال من التواصل مع أصدقائهم أو أقربائهم بشكل مستمر.
يحسّن الهاتف النقّال من قدرة الطفل على التواصل والكلام، مما يوفّر لديه سرعة البديهة في الردّ على الآخرين.
بقاء الطفل في اتصال دائم مع العالم الخارجي، كذلك تطوير أفكاره وإمكانية تبادلها من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي والانترنت. لأن اشتراكه في مواقع إخبارية تخصّ التقنيات أو الأخبار العامة أو فيما يخصّ دراسته أو حتى هواياته من الممكن أن يساعده على تطوير أفكاره بشكل ملحوظ.
بإمكان الطفل عند اقتناءه الموبايل؛ أن يلجأ إلى المساعدة التعليمية من خلال الانترنت ومحرّكات البحث في حال كان ملتحقاً بالمدرسة، مما يطوّر قدرته على إيجاد طرق مختلفة في التعلّم والبحث لفهم الأفكار.
مجلة الرابطة الطبية الأمريكية (JAMA) وهي مجلة طبية تصدر 48 مرة في السنة من قبل الجمعية الطبية الأمريكية، بهدف نشر البحوث التي تغطّي جوانب العلوم الطبية والحيوية، بينت أن أكثر من خمسة مليارات شخص في العالم يملكون الهواتف النقالة ، إذ أن هناك ما يعادل 90% ممن يملكون الهاتف المحمول يستطيعون الوصول إلى الانترنت من خلاله.
لكن في مقابل تلك الميزات التي يقدمها الهاتف الذكي ، بيّنت المجلّة أن هناك نتائج سلبية من الممكن أن يسببها الهاتف لمالكيه قد تشكّل خطراً كبيراً على الأطفال. فعند البحث عن التأثيرات السلبية التي من الممكن أن يسببها الهاتف المحمول للطفل؛ نجد بعض السلبيات لاقتنائه:
إمكانية إدمان الطفل على الهاتف النقّال، من خلال اعتياد الأطفال على استخدامه أو اللعب في تطبيقاته، أو الدردشة أو حتى التحدث مع أصدقائهم، فينشغلون دائماً به ولا يلتفتون إلى أداء واجباتهم أو التفاعل مع محيطهم بشكل طبيعي.
التسبّب بالمضايقات الالكترونية، فهناك بعض الأطفال المشاغبين يقومون بالعبث بالهاتف النقّال، من خلال قيامهم بالاتصالات المزعجة في الأوقات الحرجة للآخرين، مما قد يثير قلق الأشخاص المستلمين للرسائل والمكالمات من قبل الطفل.
من الممكن أن يتعرّض الأطفال إلى حوادث مفاجئة خطيرة في حال انشغالهم باستخدام النقال ، سواء أثناء مشيهم في الشارع، أو تجوّلهم في أرجاء المنزل، فينشغلون بالنظر إلى الهاتف والمراسلة والكتابة أو اللعب فيتعرّضون؛ إما للسقوط سهواً أو الارتطام بشيء قد يسبب لهم الأذى والألم.
قد يتعرّض الأطفال إلى النسيان في حال انشغالهم باستخدام الهاتف المحمول، فإما ينسون أداء واجباتهم المدرسية، أو نسيان أمور كان قد طلبها منهم أحد أفراد الأسرة.
ارتفاع مستوى القلق عند الأطفال، فمن الممكن أن يبقى الطفل في حالة ترّقب دائم لهاتفه النقّال عند إرساله رسالة نصيّة لأحد الأشخاص؛ منتظراً الرد على اتصاله أو على رسالته؛ في هذه الحالة قد يتعرض لتبدل المشاعر بشكل مفاجئ مما يسبب له قلقاً واكتئاباً مزعجاً، بالمقابل قد يشعر الطفل بالغبطة والسرور في حال الردّ الفوري على رسالته أو اتصاله، هكذا تتأرجح مشاعر الطفل بين الفرح وخيبات الأمل مما يسبّب اختلالاً في المشاعر لديه. مثلاً: عندما يقوم طفلك بإرسال رسالة نصيّة إلى أحد أصدقائه طالباً منه المجيء لقضاء بعض الوقت سويّةً، يبقى الطفل منتظراً صديقه بفارغ الصبر مما يسبب عنده حالة قلق؛ إذا ما تمً تجاهل رسالته من قبل صديقه.. فيبقى في حالة استنفار حتى يتمً الردً على رسالته.
لا شكّ أن للهاتف النقّال تأثيرات سلبية على صحة الأطفال وهذا ما بيّنته منظمة الصحة العالمية (WHO) في دراسة لها عن المجالات الكهرومغناطيسية والصحة العامة واستخدام الهواتف النقّالة في نوفمبر لعام 2014، حيث بينت أن استخدام الهواتف النقالة من الممكن أن تسبب مرض السرطان للبشر، وسوف تقوم المنظمة بإجراء تقييم المخاطر الناجمة عن التعرض للموجات اللاسلكية للهاتف المحمول خلال عام 2016.
وفي محاضرة للدكتورة ديفرا ديفيس (Devra Divas) أكدّت تأثير الهواتف المحمولة بالإشعاع اللاسلكي سلبياً على صحة الاطفال، كون أنها خبيرة الإشعاع الكهرومغناطيسي الناتج عن الهواتف النقالة، وشغلت ديفيس منصب أستاذ في العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية، كما أنها المدير المؤسس لمركز الاورام في جامعة بيتسبيرغ وهو المركز الأول من نوعه في العالم الذي يدرس العوامل التي تساهم في غالبية حالات السرطان.
وقد بيّنت ديفيس أن استخدام الهواتف المحمولة لساعات طويلة في اليوم من الممكن أن يشكّل خطراً على دماغ الإنسان من خلال الموجات الإشعاعية التي يطلقها الهاتف المحمول، مما قد يؤدي إلى انتشار الأورام السرطانية. فالهواتف المحمولة تبعث طاقة ترددات راديوية (وهي شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي ويتم قياسها بوحدة الهرتز)، ويمتصّ جسم الإنسان الإشعاعات الناتجة عن الأجهزة الخليوية وإذا ما زادت جرعة الإشعاعات التي يستقبلها الدماغ سوف تؤدي إلى تأثير سلبي عليه. ولهذا السبب يجب فرض قيود لاستخدام الهاتف النقّال من قبل الأطفال وأخذ التحذيرات والتنبيهات والنصائح اللازمة بعين الاعتبار حتى لا يتسبب امتلاك الطفل للهاتف المحمول له بأي أذى سواء أكان أذى نفسي أو مادي.
القيود التي يجب فرضها على الطفل في استخدام الهاتف النقّال
مع انتشار الهاتف المحمول في كل مكان على نحو مزايد في جيوب الأطفال والمراهقين، ومع إتاحة الوصول إلى الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل بسيط وسهل، أصبح من الضروري ان ينتبه الأهل إلى أهمية مراقبة استخدام أطفالهم للهاتف المحمول بطريقة غير مباشرة حيث لا تلفت الانتباه وتجعل الطفل يشعر بأنه مراقب وأنه محط شكوك من قبل والديه. ونستعرض هنا بعض الأفكار التي تساعد الأهل على ضبط استخدام طفلهم للخليوي:
تحديد أوقات محددة لاستخدام الطفل للهاتف المحمول، حتى لا ينشغل عن دراسته أو واجباته وحتى لا يسبب استخدامه له شكل من أشكال الإدمان. فمثلاً: من الجيد تخصيص عطلة نهاية الأسبوع لإعطاء الطفل الهاتف النقّال سواء للعب فيه أو لاتصاله بالإنترنت، أو لاستماعه للموسيقى.
تحديد وضبط مدة المكالمات أو الرسائل النصيّة المسموح للطفل باستخدامها حتى لا يضطر الأهل إلى دفع رسوم اشتراك باهظة الثمن إذا ما تمّ إعطاء الطفل حريته في استخدام الهاتف دون مراقبة.
عدم السماح لطفلك بإبقاء الهاتف المحمول بغرفته ليلاً، فإذا ما تمّ استخدم الطفل لهاتفه ليلاً سوف يلجأ إلى السهر لأوقات متأخرة منشغلاً به، وبالتالي لا يحصل على الوقت الكافي والضروري للنوم.
منع طفلك من استخدام الهاتف النقّال أثناء تناوله للوجبات، لأن في ذلك تجاوزاً لمبادئ احترام آداب الطعام، كما يجب منع الطفل من استخدامه عند الاجتماع والحضور في الأماكن العامة والمناسبات الاجتماعية، لأن ذلك من شأنه تقليل احترام للحاضرين والموجودين في الاجتماع.
من المحبّذ تنبيه طفلك إلى ضرورة عدم استخدام هاتفه كوسيلة لنشر الشائعات، أو إرسال الصور غير اللائقة دون إذن من صاحبها.
من الجميل تنبيه طفلك إلى آداب التكلم عبر الهاتف المحمول بشكل مهذّب، كعدم التكلم بصوت عالي ومزعج، وعدم إرسال الرسائل النصّية بطريقة من شأنها أن تعكّر صفو الآخرين أو انتهاك خصوصيتهم.
ضرورة ضبط إعدادات الهاتف النقّال الخاص بطفلك بطريقة من شأنها حظر المواقع الإباحية، فمن المعروف أن قابلية الوصول إلى الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من الممكن ان تتيح مجالاً لفتح مواقع مخلّة بالآداب والأخلاق، وهذا ما بينه الاتحاد الدولي للاتصالات (International Communication union)، حيث قامت رابطة التجارة العالمية لمشغلي شبكات الهاتف النقّال بوضع تدابير لاستخدام آليات تقنية لمنع الوصول إلى مواقع تتضمن محتوى جنسي منذ شهر شباط لعام 2008.
أخيراً.. على الأهل بعد التفكير بإعطاء الطفل هاتفاً نقّالاً أن يطّلعوا على إيجابيات وسلبيات اقتناء الهاتف؛ حتى يأخذوا بعين الاعتبار أي موقف مفاجئ قد يتعرض له الطفل جرّاء امتلاكه للنقال ، كما أن أول شرط يجب على الأهل أن يضعوه لامتلاك طفلهم للموبايل هو تنبيهه إلى ضرورة الامتناع عن الاتصال بالغرباء حتى لا يتسببوا له بالمشاكل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق