قم بزيارة هذه الصفحات

خاطبوهم على قدر عقولهم



إعداد : بركات وهاب
نعم بما يعقلون وما تتحمله مداركهم الصغيرة الغضة البضة. إن أكبر خطأ يواجهه الطفل في مستقبل حياته أن يجد نفسه محملاً بأسفار لا يقوى على حملها، ينهزم أمام ثقلها مرغماً بين ما يختار وما لا يختار، بين ما يتوق إلى معرفته وبين ما يحول بينه وبين إدراك تلك المعرفة.وإذا كان التعليم رسالة تشكل خطواته الأولى نحو الاستيعاب والفهم فإن من الخطأ أن تتداعى تلك الخطوات على جادة القدرات والهضم مثقلة بالإعياء والتعب. لا أفهم أن يطالب طالب صغير لم يتجاوز السابعة أو الثامنة من عمره بما يرهق استطاعته من مواد كثيرة تثقل حافظته وحفيظته وقدرته على التعامل معها من خلال توازن نفسي وحسي مفروض عليه دون مراعات للمقدرات المحدودة التي يواجه بها ذلك الطوفان من مواد الحفظ، ومواد تشغيل الذهن في آن واحد.إن الجرعات التعليمية وفق مبادئ علم النفس يجب أن تكون محكومة بمعيار الاستطاعة، والاستطاعة هنا أن يتوافق الإشباع مع درجة الهضم حتى لا يحصل تلبك في مقدرة الطالب على إدراك ما قدم له على مائدة الدراسة من مواد معرفية لا تتواءم مع عمره المبكر.إن الخطاب التعليمي المنطقي يعني التوازن بين العطاء والأخذ، العطاء حيث الوجبة العلمية، والأخذ حيث المقدرة على هضمها، وما لم نضع في اعتبارنا حقيقة هذا التوازن في مناهجنا الدراسية، وفي مقرراتنا المدرسية آخذين في الاعتبار الاختيار الأمثل فإن جانباً كبيراً من مدارك أطفالنا سيكون عرضة للاهتزاز والتآكل. إن درجات السلم التعليمي لا يمكن أن تبدأ بمستويات متقاربة في حجمها، وإنما تبدأ في مواكبة محسوبة ومحسومة لصالح الطفل وفق تدرجات عمره وتدرجات فكره، أي خطوة بخطوة حتى لا يكون هناك ملل، وبالتالي زلل ووقوع من درجات السلم، إن براعمنا الصغيرة أمانة في رقبة المسؤولين عن تعليمهم تقتضيهم إعادة النظر، وصياغة أسلوب جديد في الخطاب المنهجي المدرسي يتعامل مع الواقع بروح العصر الذي يحرص على بناء العقل والفهم بشكل علمي متوازن بين ما تقتضيه الضرورة وبين ما يمكن اختصاره واختزاله وتأجيله إلى مرحلة أخرى. إن سقف القدرة الاستيعابية للطالب ولغير الطالب لا يقوى على تحمل الفائض الزائد عن الحمل، ولكي نبقي على سقف قدرات أطفالنا الصغار سليماً دون سقوط فنحن مطالبون أن نعي هذه الإشكالية، وأن نحرص على حلها دون إبطاء، أن نختار لكل مرحلة ما يتلاءم ويتناسب معها من جرعات دون إفراط أو تفريط. إن استيعاب طفل لمادتين أو ثلاث مواد موائمة لقدراته أفضل ألف مرة ومرة من مجموعة مواد مكثفة تربك ذهنه وتنتقص من حصيلته ومحصلته وفهمه.إنها دعوة للتفكير وللتيسير وللتغيير وللتطوير لما فيه صالح صغارنا الذين هم كبارنا في الغد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق