قم بزيارة هذه الصفحات

العناد عند الاطفال الاسباب والعلاج


تشكو كثير من الأمهات بأن أطفالهن لا يستمعوا إلى أوامرهن ، ولا يطيعوهن ، وقد ذكرت إحدى الأمهات بأن :
طفلي كثير العناد ، لا ينفذ ما أقوله له ، ويصر على تصرف ما ، وغالباً ما يكون هذا التصرف خاطئ ".

العناد ظاهرة شائعة لدى الأطفال و هي تعبير عن الرفض للقيام بعمل ما ولو كان مفيداً أو الإنتهاء عن عمل ما و إن كان خاطئاً ، و يتميز العناد بالإصرار و عدم التراجع حتى في حالة الإكراه و القسر يبقى الطفل محتفظاً برأيه و موقفه و لو داخلياً. و يعتبر العناد من النزعات العدوانية و هو سلوك سلبي و تمرد ضد الوالدين و انتهاكاً لحقوق الآخرين و هو محصلة للتصادم بين رغبات الطفل و طموحاته و أوامر الكبار و نواهيهم ...

من الجدير بالذكر أن العناد قد يظهر و يختفي تحت ظروف معينة و في مواقف معينة. فقد يظهر في البيت و يختفي في المدرسة و العكس صحيح. و هنا يكون الطفل واعياً و مردكاص لسلوكه العنادي و لكنه يفعل ذلك لتحقيق رغبة أو هدف ما ، وحالما يحقق ما يريد فإنه يتخلى عن عناده. و عندما يكون العناد مستشرياً و سمة قوية للطفل فإن ذلك قد يكون نواةلإضطراب في الشخصية و هو ما نسميه إضطراب الشخصية السلبية العدوانية. 

الطفل قبل السنتين لا يملك الإستقلالية الكافية فهو يعتمد على والديه بشكل كبير جداً ، لذلك لا تظهر عليه السلوكيات العنادية بشكل واضح ، فيما عدا بعض الممانعة ،و لكن ذلك لا يعد عنادا صلا لأن العناد موقف و سلوك ينبني على الإحساس بالإستقلالية الجزئية من جانب الطفل و نمو تصوراته الذهنية. فيقوم بممارسة هذه الإستقلالية بالرفض و الإحتجاج و الممانعة و إبداء الرأي المخالف 

و بالرغم من أنم العناد قد يأخذ مكانه عند سن الثالثة إلا أنه قد يلازم بعض الأطفال حتى سن المراهقة. و في الغالب لا يتم ظهوره بعد سن المراهقة إن لم يظهر قبل ذلك. و قد وجدت الدراسات أنه ينتشر بنسبة 15-22% بين أطفال المرحلة الإبتدائية و هو في هذه السن أكثر إنتشاراً بين الذكور منه بين الإناث و لكن النسبة تتساوى بعد ذلك. و لعل العناد يظهر بشكل جلي عند مرحلتي الإنفصال (حوالي عمر سنتين و عند بلوغ سن المراهقة). 

أشكال العناد:

أشكال العناد عبارة عن درجات غير منفصلة تظهر عند تعامل الطفل مع الكبار أو رفاقه و لكنها قد لا تظهر في جلسات التقويم النفسي و المقابلة الشخصية. 

عناد التصميم و الإرادة : يعتبر نوع محمود يجب تشجيعه و دعمه و مثال ذلك عندما يحاول الطفل على إصلاح لعبته مثلاً و يصر على ذلك مهما منعه الكبار. 

لكن عندما يكون العناد ضرب من الرعونة كأن يصر الطفل على الذهاب لشراء جزمة صباح الجمعة أو يصر على زيارة صديق في وقت غير مناسب أو مشاهدة فلم تلفزيوني و قد حان وقت نومه فإن ذلك يعتبر على النقيض عناد يفتقد لتقدير الأمور و الوعي الكافي لإدراك الصح و الخطأ و لا يجب الإستسلام له. 

و قد تزيد درجة العناد لدى الطفل فيعاند نفسه لغيظه من أمه فيرفض الطعام و هو جائع و يرفض لعبة و هو يريدها و ما إلى ذلك ... هذه المكابرة تولد صراعاً بين رغبتي الطفل في الإستمرار في موقفه و بين إشتياقه لما عرض عليه. و هذا الصراع ينتهي بالتنازل عند محاولة الكبار في حله. 

أما حين يعتاد الطفل العناد كسلوك راسخ و صفة ثابتة في شخصيته ، فإن ذلك قد يؤدي إلى إضطراب شديد في السلوك و الإنفعالات و العلاقة مع الآخرين بسبب النزوع للمشاكسة و الخلاف مع الناس من حوله بسبب او بدون سبب. 

هذا الشكل من العناد درجة مرضية و تحتاج لإستشارة المختصين لعلاجها.

أسباب العناد:

عندما تكون توقعات الكبار و طلباتهم من الطفل بعيدة عن الواقع و غير مناسبة لقدراته و إمكاناته ينتج عن ذلك شعور بالفشل. و عندما يصر الكبار على قناعاتهم و توقعاتهم يبدأ الطفل بالرفض كسلوك عنادي. وهو في الحقيقة لا يعاند الكبار و لكنه يرفض الوقوع في الفشل الذي يصر الكبار من حوله على الوقوع فيه غير آبهين بمشاعر الخوف و الإحباط عنده. و هو في هذه الحالة أفضل منهم في تقدير إمكاناته و ما يمكنه فعله. 

و ليس من الغريب أن تختلط الحقيقة بالخيال عند الأطفال ، فيتشبث الطفل بموقف غير واقعي ضرباً عرض الحائط برأي الكبار مما ينشأ عنه نوع من العناد نتيجة لهذا التصادم. 

وقد يقلد الطفل أمه او أباه في الإصرار على رأيهم و عدم التنازل مهما حاول معهما أسلوب الإقناع و الحوار الهادئ عندما يطلبان منه شيئاً ما و ذلك ما يعرف بأسلوب التعلم بالمحاكاة. 
و هذا يستلزم منا كآباء و أمهات ان لا نعتمد الحدة و العنت على حساب الحوار المنطقي و النقاش المقنع. 

و لعل الطفل أحياناً يحاول ممارسة توكيد ذاته بالإصرار على موقفه و العناد. و إذا كان هذا القدر من الفعل أو رد الفعل غير مبالغ فيه فلا بأس من التساهل معه و تشجيعه لتعليم الطفل كيف يكون قوي الإرادة. و هناك متسع من الوقت ليتعلم الطفل أن العناد و التحدي ليس الطريقة المثلى لتحقيق المكاسب و هذه مرحلة نمائية تالية. و هكذا يتعلم الطفل من خلال سلسلة من المراحل الإطار الواقعي للتعامل مع النفس و مع الآخرين. 

و لعلنا نحن من يدفع الطفل للعناد أحياناً بإنتهاج الأسلوب الصارم الجاف من الأوامر و النواهي. و هذا أسلوب ترفضه الفطرة التي تحب الرجاء و الإحترام. 
لذلك فإن الطفل يتذمر من التضييق عليه فترة من الزمن ثم ينتقل بعد ذلك إلى الرفض و التحدي كرد فعل لهذا الأسلوب من التعامل. 

و الحماية الزائدة من جهة تجعل الطفل يشعر بالعجز و الإعتمادية على والديه معطلاً قدراته هو. و قد يرفض ذلك بنوع من العناد للخروج من دائرة الحمياة و الوصاية و الحصول على قدر أكبر من الحرية. 

وهذا الشعور بالعجز قد يكون حقيقياً نتيجة إعاقة معينة أو خبرات طفولية مر بها خلال حياته مما يولد لديه رغبة في العناد و تحدي الواقع او الذات أو الآخرين. 

و أخيراً فإننا قد نعزز السلوك العنادي بلإذعان له و تشجيعه بالمكاسب التي يمي لها الطفل ، إما خوفاً عليه أو لإنهاء الموقف ، و هنا يتعلم الطفل أن مزيداً من الإصرار سيجبل له التنازلات و المكاسب. 

و لا ننسى ان يكون سبب العناد خللاً فسيلوجياً مثل إصابات الدماغ و التخلف العقلي. 

علاج العناد:


عزيزتي الأم : وبعد أن عرفتي السبب الذي يجعل الطفل يعاند لابد أن تضعي في اعتبارك أنه بإمكانك التغلب على هذه المشكلة في حال معرفتك لبعض الصفات حتى نعرف إذا كان طفلك تنطبق عليه صفة العناد الشديد ،

لذا عليك الإجابة عن هذه التساؤلات أولاً : 

هل يفقد طفلك توازنه ويتعكر مزاجه بسهولة ؟ 

هل هو دائماً يجادل الآخرين بحدة ؟ 

هل يتعمد مضايقة الآخرين بتصرفاته ؟ 

هل يتحدى الأوامر في أغلب الأوقات ؟ 

هل يلوم الآخرين ( أخوته ) فيما وقع هو فيه من أخطاء ؟ 

هل يصر بشدة على الانتقام ؟ 

وعند محاولة مساعدة الطفل بأن يكون طفلاً عادياً وغير عنيد يجب عليك أن تتدربي على بعض المهارات في كيفية التعامل مع الطفل العنيد لكي يتخلص من عناده. 


عزيزتي الأم : التدريب يتطلب منك أن تقومي بالآتي : 

يجب أن تحرصي على جذب انتباه الطفل كأن تقدمي له شيئاً يحبه مثل لعبة صغيرة أو قطعة حلوى ، ثم تسدى له الأوامر بأسلوب لطيف. 

عليك بتقديم الأوامر له بهدوء وبلطف وبدون تشدد أو تسلط ، وقومي بالربت على كتفه أو احتضنيه بحنان ، ثم اطلبي برجاء القيام ببعض الأعمال التي تريدين منه أن يقوم بها. 

تجنبي دائماً إعطاء أوامر كثيرة في نفس الوقت. 

يجب أن تثبتي في إعطاء أمر واحد لمرة واحدة دون تردد ، أي ألا نأمر بشيء ثم ننهى عنه بعد ذلك. 

يجب إعطاء الأوامر لعمل شئ يعود على الطفل بفائدة أي أن يقوم بعمل شئ لنفسه وليس القيام بعمل شئ للآخرين ، أي تجنبي بأن تقولي للطفل أن يعطى كأساً من الماء لأخته مثلاً. 

يجب مكافأة الطفل بلعبة صغيرة أو حلوى يحبها في كل مرة يطيع فيها أوامرك. 

تجنبي اللجوء إلى العقاب اللفظي أو البدني كوسيلة لتعديل سلوك العناد عند الطفل. 

يجب عليك متابعة الطفل بأسلوب لطيف وبعيداً عن السيطرة ، وسؤاله عما إذا نفذ الأمر أم لا ، مثلاً يجب عليك أن تتابعيه في حالة طلبك منه أداء الواجب المدرسي

تذكري دائما:

الأطفال يتسمون بالإختلاف أكثر من الكبار ، ولذلك لا بد من تقويم كل حالة على حدة و فهم الأسباب و ما عساه قد يكون مساهماً في نشوء هذا السلوك العنادي. 

ومن الأساليب المفيدة توقيع العقاب المناسب على الطفل فور عناده لأن ما يناسب طفلاً قد لا يناسب آخر و ما سفيد في وقت ما قد لا يفيد في وقت آخر. المهم عدم تأجيل العقاب بهدف إعطاء فرصة يراجع فيها الطرفان نفسيهما ، ليستانف الحوار بعد ذلك بأسلوب أكثر هدوءاً و إقناعاً. 

و معاملة الطفل العنيد ليست أمراً سهلاً لذلك لا بد من التحلي بالصبر و عدم اليأس و الإستسلام للأمر الواقع بحجة أن الطفل عنيد و رأسه ناشفه. كذلك لا بد من الثبات في المعاملة فالإستسلام أحياناً يعلم الطفل فنيات الإصرار و العناد. 

و من المعتاد ان يقال للطفل او يذكر أمامه انه طفل عنيد أو ان فلان شاطر فهو ليس عنيد. هذا النوع من القول يؤكد للطفل العناد و يرسخه فيه مهما قلنا له أن العناد سيئاً. كما انه من المهم عدم صياغة الطلب بأننا نتوقع الرفض لأن ذلك يعطيه خياراً بالرفض و يشجعه عليه.

و على النقيض فإن إرغام الطفل على الطاعة العمياء بدلاً من دفء المعاملة و المرونة يجعله يلجأ للعناد للخلاص من العبودية والحصول على حريته. لذلك فمن المهم أن نغض الطرف عن الأمور البسيطة و نبدي التسامح أحياناً. 

و أخيراً فإن أسلوب الحوار و الإقناع بعد توقيع العقاب الناتج عن العناد امر مهم لتعليم الطفل كيف يكون مقنعاً لا عنيداً أرعناً لا يمتلك القدرة على التعامل بهدوء و روية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق