قم بزيارة هذه الصفحات

خصائص تلاميذ المرحلة الابتدائية


إعداد : بركات وهاب
إن الطفل هو محور العملية التعليمية، وعلى التربية أن تنطلق في استراتيجياتها من واقعه، وأن تستجيب لخصائص نموه واحتياجاته في كل مرحلة من مراحل هذا النمو. وللطفولة في الإسلام منزلتها الحبيبة، وأهميتها الدقيقة ولقد عنى الإسلام بهذه المرحلة من عمر الإنسان، فحباها بالكثير من الرحمة والعطف، إلى جانب الصقل والتربية.

ولقد عمد علماء النفس إلى تقسيم مراحل الطفولة إلى خمس مراحل
، ويعد هذا التقسيم على أساس النمو الجسمي للطفل، وما يواكب هذا النمو من خصائص نفسية ونمو عقلي ولغوي وهذه المراحل هي:

1 - مرحلة الطفولة الأولى: وتبدأ من الولادة حتى سن ثلاث سنوات.

2 - مرحلة الطفولة المبكرة (الطفولة الثانية): من ثلاث إلى ست سنوات.

3 - مرحلة الطفولة المتوسطة (الطفولة الثالثة ): من ست إلى تسع سنوات.

4 - مرحلة الطفولة المتأخرة: وتمتد من سن التاسعة إلى الثانية عشرة.

5 - مرحلة المراهقة: التي تبدأ من سن الثالثة عشرة.



وعلى ضوء هذا التقسيم يقع تلاميذ المرحلة الابتدائية في الفئة العمرية من (6 - 12) عاما؛ أي أن المرحلة الابتدائية تمتد لتشمل مرحلتي الطفولة المتوسطة والمتأخرة، ومن هذا المنطلق كان التزاما التعرف على خصائص هاتين المرحلتين للتعرف على ملامح شخصية تلميذ المرحلة الابتدائية وسماتها .

ويمكن عرض خصائص النمو ومتطلباته من خلال مرحلتي الطفولة المتوسطة والمتأخرة (تلاميذ المرحلة الابتدائية)، إلا أن لكل مظهر من مظاهر النمو المختلفة تطبيقات تربوية خاصة به يجب أن يدركها المعلم أو من يقوم بعملية التدريس لهؤلاء التلاميذ في تلك المرحلة.


1 - النمو الحركي:

حيث تنمو العضلات الصغيرة والكبيرة في المرحلة العمرية من (6-9) سنوات، ويحب الطفل العمل اليدوي كما يشاهد النشاط الزائد وتعلم المهارات الجسمية والحركية اللازمة للألعاب والأنشطة المختلفة ويطرد النمو الحركي حيث تعتبر المرحلة العمرية من ( 9-12) سنة هي مرحلة النشاط الحركي الواضح حيث تشاهد فيها زيادة واضحة في القوة والطاقة .

ويستمتع الأطفال في المرحلة العمرية من (6-9) سنوات بأوجه النشاط العضلي كالجري والقفز التسلق على الأشياء، كما أنهم يميلون بشكل عام إلى الحركة في مختلف أوضاعهم، أما تلاميذ الصفوف الثلاثة التالية من ( 9-12) سنة تنمو لديهم المهارات الحركية ويتميز أداؤهم بالتناسق بين حركة العين .

التطبيقات التربوية للنمو الحركي:

1 - إتاحة فرصة للأطفال للتعبير عن نشاطهم العضلي من خلا ممارسة الألعاب مع توفير المكان والوقت المناسبين للأطفال.

2 - الاهتمام بأن تكون الوسائل التعليمية في المدارس الابتدائية مجسمة بقدر الإمكان؛ كي يستطيع الطفل لمسها ورؤيتها .

3 - أن تكون الكتب الدراسية مكتوبة بخط واضح وكبير.

4 - الاهتمام بتغذية الطفل.

5 - توسيع نطاق الإدراك عن طريق الرحلات إلى المتاحف والمعارض.

6 - اتخاذ النشاط وخاصة الحركي مدخلا إلى تعليم الطفل، وإثراء أنواع النمو المختلفة، ويأتي على رأس النشاط الحركي اللعب باعتباره أداة مشوقة لبذل الجهد والاستمرار في ممارسة الخبرة.

7 - إن لغة الأطفال هي الحركة، ومن ثم يجب إعداد الأنشطة المتنوعة التي تتيح لهم الحركة والجري والانطلاق مع أدوات اللعب الإيهامي، كما أن خيال الطفل يتدخل في تصوره للأشياء والأحداث وحواس الطفل هي المصدر الرئيسي للإدراك ولتنمية محصوله اللغوي .

2 – النمو الحسي

يشاهد في المرحلة من (6-9) سنوات تطور في النمو الحسي، وخاصة في الإدراك الحسي ويتضح ذلك تماما في عملية القراءة والكتابة، ومع بداية المدرسة الابتدائية تظهر قدرة الطفل على التمييز بين الحروف الهجائية المختلفة الكبيرة والمطبوعة، ويستطيع تقليدها، ويستمر السمع في طريقه إلى النضج، ويتطور الإدراك الحسي وخاصة إدراك الزمن، إذ يتحسن في هذه المرحلة من (9-12) سنة إدراك المدلولات الزمنية والتتابع الزمني للأحداث التاريخية.

وتمتاز شخصية تلاميذ الحلقة الأولى من (6-9) سنوات بأن مازال إدراكهم لمفاهيم الزمن والمكان والمسافة محدودا، وتكاد تكون أهدافهم مباشرة، كما يستخدمون خبراتهم البديلة، والفجة أحيانا، في حل بعض مشكلاتهم وفي إدراك العلاقات السببية، في حين تتسع قدرة التلاميذ في المرحلة من (9-12) سنة على فهم العلاقة السببية ويتسع إدراكهم لمفاهيم الزمان والمكان والمسافة.

التطبيقات التربوية للنمو الحسي:

تتفق التطبيقات التربوية للنمو الحسي مع النمو الحركي، حيث يفضل إتاحة الفرص للأطفال في هذه المرحلة للتعبير عن نشاطهم من خلال الألعاب مع توفير المكان والزمان المناسبين مع ضرورة تركيز النشاط اللغوي حول المحسوسات من الأشياء وحول لعب الدور والأداء التمثيلي وأن يدور حول اهتمامات الطفل وقدراته.

3 - النمو العقلي :

يؤثر الالتحاق بالمدرسة في نمو الطفل وذلك في المرحلة العمرية من (6-9) سنوات، والمدرسة هي المؤسسة التربوية التي وكلها المجتمع لتقوم بعملية التربية والتعليم والسلوك القويم القائم على القيم والمعايير الاجتماعية التي تحددها ثقافة المجتمع، ويستمر النمو العقلي بصفة عامة في نموه السريع بالمرحلة من (6-9) سنوات، ومن ناحية التحصيل يتعلم الطفل المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، ويلاحظ هنا أهمية التعلم بالنشاط والممارسة. وينمو التفكير الناقد في نهاية هذه المرحلة حيث يلاحظ أن الطفل نقاد للآخرين حساس لنقدهم، وينمو التخيل من الإسهام إلى الواقعية والابتكار والتركيب، وينمو اهتمام الطفل بالواقع والحقيقة، وينمو حب الاستطلاع لديه. ومن ناحية أخرى، فإن النمو العقلي يظهر في هذه المرحلة من (9-12) سنة بصفة خاصة في التحصيل الدراسي، ويدعم ذلك الاهتمام بالمدرسة والتحصيل والمستقبل العلمي للطفل، وتنمو مهارات القراءة، وتتضح تدريجيا القدرة على الابتكار مع القدرة على التخيل والإبداع.

وينزع أطفال السنة السابعة بشكل عام إلى النقد والتشكك والسؤال باستمرار عن معنى ما يلقى عليهم من مفردات أو ما يقدم إليهم من معلومات، ويزداد حب الاستطلاع عند الأطفال في المرحلة العمرية من (9-12) سنة والرغبة في التعلم، ويحبون جمع البيانات والحصول على معلومات من مجالات مختلفة، ومن مصادر متنوعة.

التطبيقات التربوية للنمو العقلي

1 - أن تكون موضوعات المنهج ملائمة لدرجة النضج العقلي التي وصل إليها الطفل.

2 - أن يعتمد التدريس في السنوات الأولى على حواس الطفل، وذلك عن طريق تشجيع الملاحظة والنشاط.

3 - ربط التدريس بمظاهر الحياة أو الأشياء الموجودة في البيئة .

4 - استغلال الهوايات والمهارات الموجودة عند الطفل لتساعده على تنمية الخيال مع العلم أن التخيل في مرحلة الطفولة المبكرة يبدأ من الواقع وهو خيال جامح، أما التخيل في مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة تخيل مرتبط بالواقع ومقيد بقوانين الطبيعة. وهناك صلة وثيقة بين هذا التخيل وبين الإبداع أو الابتكار لأن التفكير الإبداعي يعتمد على التخيل إلى حد كبير لأن الأساس فيه الإتيان بأفكار جديدة غير مسبوقة، وعليه فإن بوادر التفكير الإبداعي تظهر في هذه المرحلة عند الطفل ممثلة في التفكير التخيلي .

5 - تدريب الطفل على التفكير واكتشاف العلاقات بين الأشياء.

6 - مواصلة استخدام الألعاب اللغوية، وتوظيف أوجه النشاط المختلفة، والتركيز على التدريبات الاتصالية التي تنمي القدرة على الإبداع اللغوي والتخفيف من التدريبات النمطية .

7 - توضيح أهداف تعليم اللغة العربية للتلاميذ، وإشعارهم بقيمة ما يتعلمونه، وذلك تماشيا مع رغبتهم في هذه المرحلة في السؤال عن أهداف ما يقدم إليهم من خبرات.

ومن الخصائص النفسية التي يتميز بها التلاميذ في المرحلة الأولى والتي ينبغي أن يفطن إليها المدرس دائما، أنهم عمليون يعنون بالأمور الحسية ولا يهتمون بالأمور المعنوية، ولذلك نراهم يتعلقون بالأشياء التي تمس حياتهم في المنزل والمدرسة والشارع وغير ذلك من المحسوسات أكثر من تعلقهم بالوجدانيات والمعنويات، كما أنهم يميلون إلى التحدث عما يقومون به من ألوان النشاط والأعمال وما يزاولونه من الخبرات والتجارب، وهنا يجب على المعلم أن يستغل ميولهم ونشاطهم الغريزي وخصائصهم النفسية في تعليمهم اللغة العربية وفنونها في تلك المرحلة.

ويميز بياجيه بين أربع مراحل رئيسية في نمو التفكير عند الأطفال، وهذه المراحل هي :

1 - مرحلة اكتساب الانطباعات الإدراكية: وهى تمتد من سن الميلاد حتى سنتين، حيث يتعلم فيها الطفل أن يتعرف على الملامح الرئيسية للعالم من حوله وبعض صفاته الأساسية، ويتعلم معاني المدركات الحسية .

2 - مرحلة التفكير الفطري: وهي تمتد من سن سنتين إلى سبع سنوات، وهى مرحلة يواجه فيها الطفل مشكلات أكثر في تفسير بيئته، أي في فهم العلاقات بين الأمور الحسية التي كان قد تعرفها ويعرف كذلك صفة واحدة فقط للشيء في وقت ما.

3 - مرحلة التفكير الحسي الإجرائي: وهي تمتد من سن سبع سنوات إلى إحدى عشرة سنة، وفيها يكتسب التلميذ المفاهيم الموجودة في العلاقات المعقدة ويتمكن من التفكير المعكوس، حيث يمكن أن يعود بالشيء إلى نقطة بدايته، ويعلل بوضوح تحولات المظهر وينظم الموضوعات في مجموعات مختلفة الحجم على أساس الصفات المختلفة .

4 - مرحلة التفكير الشكلي المنطقي: وتمتد من سن الحادية عشرة إلى ما فوقها، حيث يستطيع التلميذ أن يتصور العلاقات الممكنة بين الأشياء ويتناولها، ويبدأ في مزاولة التفكير الذي يتطلب المقدمات المنطقية الصرفة التي يمكن أن تؤخذ من الخبرات الأخرى السابقة .

وإذا نظرنا إلى تفكير الطفل في مرحلة الطفولة المتوسطة من (6-9) سنوات نجد أنه يتطور من التفكير الحدسي إلى التفكير المجرد، كما أن خياله يتجه من خيال التوهم إلى الاهتمام بالواقع والحقيقة ويميل إلى الابتكار والتركيب، وتبرز قدرته على الحفظ، وكلما زاد تشجيع الوالدين للطفل وتوفير المثيرات التربوية المناسبة لنموه العقلي زاد حب الاستطلاع لديه وهذه المرحلة كما نعلم هي بداية دخوله المدرسة الابتدائية لا ينساها ولا تغيب عنه طوال حياته. أما عن مرحلة الطفولة المتأخرة التي تقع ما بين (9-12) سنة من عمر الطفل من ناحية التفكير يصبح الطفل قادرا على ربط الظواهر بأسباب واقعية مقبولة، لأن هناك انتقالا واضحا من الذكاء الحدسي إلى الذكاء المحسوس القائم على العلاقات المتبادلة أو العكسية، بالإضافة إلى التفسيرات الموضوعية والمنطقية.

وفي ضوء ذلك فإن تعليم التلاميذ مهارات التفكير يتطلب التأكيد على أن محتوى المواد الدراسية ينبغي ألا يصبح مركز اهتمام المعلمين بل هو مجرد أداة لنقل ما تحمله من مهارات التفكير، بالإضافة إلى تدريب التلاميذ على التفكير الناقد وحل المشكلات والاكتشاف والاستنتاج باستخدام أسلوب التعلم التعاوني الجمعي والتنافس، والإدراك البصري بمساعدة الرسوم لتعزيز عمليات التفكير، حيث يوضح التلميذ أفكاره لكل فرد في مجموعته ويتشارك الجميع، ويتفاعلون في الحصول على التعميمات أثناء تنظيم أفكارهم من خلال المواد الدراسية وتطبيقها في مواقف جديدة.

ويمتاز تلاميذ المرحلة الابتدائية بارتفاع مستوى الابتكارية والخيال، ما يجعلهم يميلون إلى إظهار هذه القدرات من خلال فرص اللعب وحكاية القصص، فالأنشطة الابتكارية التي يمارسها تلاميذ المرحلة الابتدائية يمكن من خلالها أن يزداد فهم المعلم لتلاميذه، حيث يكشف كل تلميذ عن نفسه أمام زملائه بما يساعده على تكوين مفهوم واقعي عن ذاته، ومن هنا يتضح أن التفكير الابتكاري هو واحد من أهم القدرات التي ينبغي العناية بها وتنميتها لدى التلاميذ في شتى المراحل وأثناء تعلمهم للمواد الدراسية المختلفة وبالأخص اللغة التي هي أداة الاتصال بين الأفراد .

وتعد المدرسة المكان المناسب الذي يوفر مناخا خصبا لنمو القدرات الابتكارية وقدرات التفكير الإبداعي لدى التلاميذ من خلال ممارسة الأنشطة التي تسهم في تنميتها، ومن خلال المعرفة والخبرات والمهارات التي يتعرض لها التلاميذ في المدرسة بصورة منظمة ما يكون لها الأثر الإيجابي أو السلبي على نمو قدرات التفكير الإبداعي لدى التلاميذ أثناء تعلمهم لمهارات اللغة المختلفة.

4 – النمو اللغوي:

يعتبر النمو اللغوي في المرحلة من (6-9) سنوات بالغ الأهمية، حيث تعتبر هذه المرحلة هي الأساس في اكتساب اللغة، وتعتبر هذه المرحلة مرحلة الجمل المركبة الطويلة، ولا يقتصر الأمر على التعبير الشفوي بل يمتد إلى التعبير التحريري. أما عن القراءة فإن استعداد الطفل لها يكون موجودا قبل الالتحاق بالمدرسة ويظهر ذلك منة خلال الاهتمام بالصور والرسوم والمجلات والصحف.

وتتطور القدرة على القراءة بعد ذلك إلى التعرف على الجمل وربط مدلولاتها بأشكالها، كما أن عدد الكلمات التي يقرأها الطفل في الدقيقة تزداد مع النمو، ويستطيع الطفل في هذه المرحلة تمييز المترادفات ومعرفة الأضداد، ويتضح تقدم النمو اللغوي في هذه المرحلة من (9-12) سنة في كلام الطفل وقراءته وكتابته، حيث تزداد المفردات ويزداد فهمها، ويزداد إتقان الخبرات والمهارات اللغوية، ويلاحظ طلاقة التعبير والجدل المنطقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق